سياسة

    فخ هوكشتين: وصاية دولية على البحر؟

الأجواء الإيجابية التي راجت في شأن قرب التوصل إلى اتفاق لترسيم الحدود البحرية، لا تلغي الحذر الشديد من مناورة إسرائيلية – أميركية لمرحلة ما بعد الترسيم لناحية فرض وصاية دولية على البحر من خلال دور جديد لقوات الطوارئ الدولية كما هي الحال على البر. ووسط تأكيد مصادر معنية في بيروت أن لبنان ينتظر أن يتسلّم من المبعوث الأميركي لترسيم الحدود البحرية عاموس هوكشتين ورقة خطية خلال ثلاثة أيام، جرى تداول أنباء أمس عن أنه سلّم مسؤولين لبنانيين إحداثيات خط العوامات البحرية تحضيراً لإرسال عرضه الكامل الأسبوع المُقبل.

ففي كل مرة يأتي هوكشتين يسحب من قبعته مطلباً إسرائيلياً جديداً للإيحاء بأن هناك نقاطاً عالقة تحتاج مزيداً من الوقت. وآخر هذه الأوراق «الخط الأزرق البحري» المعبر عنه بشريط العوامات القائم في البحر قبالة ساحلي لبنان وفلسطين المحتلة، طالباً تثبيته لأن إسرائيل لا يمكنها «التهاون فيه لأسباب أمنية». أما الإيجابية التي تحدث عنها، مستنداً إلى «موافقة إسرائيل على المطالب اللبنانية»، فقد تبيّن أنها غير محسومة، إذ أكد أنه يستطيع «ضمان موافقة إسرائيل على الخط 23 بنسبة 90 في المئة»، ما يعني أن كيان العدو لم يوافق على المطالب اللبنانية. علماً أن هذه النقطة أساسية، بالتالي فإن ما يطلبه هوكشتين هو تأجيل المواجهة والترسيم معاً.

اذ تُحاول «إسرائيل» انتزاع موافقة من بيروت على مخرج للنزاع البحري وفي بالها فرض «وصاية دولية» في منطقة معينة في المياه من خلال صيغة شبيهة للوضع في الجنوب بعد عدوان تموز 2006، فيكون هناك 1701 بحري تشرف على تنفيذه قوات الطوارئ الدولية التي ليست لها أي صلاحيات في المياه اللبنانية. لذا فإن اعتماد الأمم المتحدة كمرجع لمراقبة تنفيذ اتفاق الترسيم سيستدعي تعديلاً في مهامها وفي قدراتها وهيكلها، وربما استغلال المهمة الجديدة لتمرير تعديلات في جوهر مهماتها ودورها، وهو ما لا تتوقف إسرائيل عن المطالبة به، وتحقق بعضه في قرار التجديد هذا العام… بفعل تخاذل الدولة اللبنانية أو تغافلها.

وهذه الورقة قد يستخدمها الوسيط الأميركي لاحقاً، في حال احتاجَ العدو الإسرائيلي مزيداً من الوقت، خصوصاً أن البحث في الجهة التي سترعى تنفيذ الاتفاق لا يقل أهمية عن الاتفاق نفسه. ولأنهم يعرفون تماماً، حساسية فكرة توسيع مهام قوات اليونيفل بالنسبة للبنان، ما يعني أن الاتفاق حوله لن يكون سريعاً.

وبذلك يكون العدو الإسرائيلي قد ظفرَ بعصفورين: إرجاء الترسيم أسابيع الأمام مع إبعاد شبح المواجهة عنه، وتأمين نفسه بقوات دولية تكون عينها على طول الخط الأزرق البحري، وهما أمران غير مضمونين لأن أيلول سيبقى شهر الحسم. (الأخبار)

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى